الأحد، 12 يوليو 2009

أُكْــــسُ أَلْـفـــاظَــكَ

د. محمد بن إبراهيم الحمد

جاء في كتاب فتح المغيث للسخاوي -رحمه الله- 1/371 ما نصه: "روينا عن المزني قال: سمعني الشافعي يوماً وأنا أقول: فلان كذاب.

فقال: يا أبا إبراهيم! اكْسُ ألفاظَك أَحْسَنَها، لا تقل: فلان كذاب، ولكن قل: حديثه ليس بشيء".

ففي هذا الخبر يرشد الإمامُ الحَبْر الشافعيُّ -رحمه الله- إلى مسألة في الذوق في الكلام، ويلفت الأنظار إلى أن يُلْبِس الإنسانُ ألفاظَه أحسنَ الألبسة، فيصوغَها بأسلوب رائع يجعلها خفيفةً على السمع، سهلة النفوذ إلى القلب؛ فقد يكون المعنى المراد إيصاله واحداً، ويكون ما بين تعبير وتعبير كما بين ذات الرَّجْع وذات الصدع.

فقد تكون المعاني حاضرةً في نفس المتكلم؛ فإذا عرضها في أسلوب بَاهِتٍ أو مُنَفِّرٍ لم تَلْقَ القبول، بخلاف ما إذا عرضها في أسلوب بارع؛ فإنها حينئذٍ تقع مَوْقع الإعجاب، حتى لكأنها معانٍ جديدةٌ لم يسبق للسامع لها سابقُ علمٍ بها.

ومن كان كذلك حاز المكانةَ العَلِيَّةَ، وصار له المحلُ الأرفعُ في القلوب.

جاء في كتب السير أن زبيدةَ لامت زوجها الرشيد على حُبِّه المأمونَ دون ولدها الأمين؛ فقال لها: الآن أريك عذري، فدعا ولدها الأمين -وكانت عند الرشيد مساويك- فقال له: يا محمد ما هذه؟ فقال: مساويك.

ودعا المأمون، وقال له: ما هذه يا عبدالله؟ فقال: ضد محاسنك يا أمير المؤمنين.

فقالت زبيدة: الآن بان لي عُذرك!

وتعني بذلك أنها عرفتُ سبب تفضيل الرشيد للمأمون على الأمين، وأن سبب ذلك ما كان عليه المأمون من ذوق، وحسن تلطف، وجمال عبارة، على حين أن الأمين لم يكن كذلك.

ثم إن نفراً من الناس يستهويهم رونق الألفاظ أكثر من حكمة معانيها، فلا ينبغي أن يُسْتخفَّ بهؤلاء، وأن يُتركوا لعصبة المضلين يَعْرِضُون عليهم الآراءَ المنحدرةَ في شقاء.

ومما يدخل في هذا القبيل نزاهةُ اللسانِ، وذلك بتجنيبه الفحشَ، والبذاءةَ، وساقط القول.

فعن ابن مسعود-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان، ولا الفاحش البذيء".

قال النووي -رحمه الله-: "ومما ينهى عنه الفحش، وبذاءةُ اللسان، والأحاديث الصحيحة فيه كثيرة ومعروفة.

ومعناه: التعبير عن الأمور المستقبحة بعبارة صريحة، وإن كانت صحيحة، والمتكلم بها صادقاً.

وينبغي أن يُستعمل في ذلك الكناياتُ، ويعبرَ عنها بعبارة جميلة يفهم بها الغرض.

وبهذا جاء القرآن العزيز، والسنن الصحيحة المكرمة.

قال -تعالى-:[أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ]البقرة:187.

وقال -تعالى-: [وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ]النساء:21.

وقال -تعالى-: [وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ]البقرة:237.

والآيات، والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة.

قال العلماء: فينبغي أن يُستعمل في هذا وما أشبهه من العبارات التي يُستحيا من ذكرها بصريح اسمها - الكناياتُ المُفْهِمةُ؛ فيكنِّيَ عن جماع المرأة بالإفضاء، والدخول، والمعاشرة، والوقاع، ونحوها".

وقال النووي -رحمه الله-: "وكذلك يكنِّي عن البول والتغوط بقضاء الحاجة، والذهاب إلى الخلاء، ولا يصرح بالخراءة، والبول، ونحوهما.

وكذلك ذكر العيوب، كالبرص، والبَخَر، والصنان، وغيرها يُعبَّر عنها بعبارات جميلة يفهم منها الغرض.

ويلحق بما ذكر من الأمثلة سواه".

قال القاسمي -رحمه الله-: "إياك، وما يستقبح من الكلام؛ فإنه ينفِّر عنك الكرام، ويؤثِّب عليك اللئام" أ.هـ.

ومما يَدْخُل في ذلك ما كان مستنكر الظاهر، وإن كان معناه سليماً بعد تدقيق النظر فيه.

قال الماوردي -رحمه الله-: "وما يجري مجرى فحش القول، وهُجرْه، ولزوم تنكبِّه- ما كان شنيع البديهة، ومستنكر الظاهر، وإن كان عقبَ التأمل سليماً، وبعد الكشف، والرَّوية مستقيماً".

ومما تجدر الإشارة إليه أنه لا ينبغي التصريح بالعبارات المستكرهة صراحة مالم تدع الحاجة -كما مر-.

أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس به، بل هو المتعيِّن؛ فإن تحصيل الإفهام في هذا أولى من مراعاة الأدب.

ومما يحسن التنبيه عليه في هذا الصدد أنه لا يكفي أن تكون المعلومة صحيحةً، وأن يكون قائلها صادقاً صريحاً.

بل لابد -مع ذلك- أن تكون عبارته لطيفةً، خفيفةَ الوقع على القلوب؛ فليس من شرط الصراحةِ الصفاقةُ، ولا من شرط اللطافةِ النفاقُ؛ فقد يكون المرء صريحاً لطيفاً في حدود اللباقة واللياقة بعيداً عن الإسفاف، والنفاق، والصفاقة -كما في وصية الإمام الشافعي الآنفة لتلميذه المزني-.

ولهذا كانت عبارات الإمام البخاري في الجرح والتعديل على درجة عالية من الأدب، وسمو العبارة مع أن كتابه أصح كتاب بعد كتاب الله -عز وجل-.

فلقد كانت عباراته مضرب المثل في السمو والأدب، كقوله في المجروح: فيه نظر، تركوه، سكتوا عنه، ونحو ذلك.

وبهذا يتبين لنا أهميةُ جمال العبارة، وذوقِها، وخَطأُ مَنْ يتوهم أنه إذا كان صريحاً فلا بأس عليه أن يُلبِس عباراته أيَّ ثوب شاء.

وأقبلت الإجازة الصيفية.



وأقبلت الإجازة الصيفية.


إن مرجع كثير من المشكلات الدينية أو الاجتماعية أو الأخلاقية والسلوكية في فترات الإجازات الصيفية ذلك الفراغ الهائل الذي يخيم على أكثر الناس في هذه الفترة.

هكذا الصيف حين لا يوجَّه، ابتلاء ومحنة، واضطراب ونقمة، لو كشف لنا في نهايته عن شيء من الإحصائيات لرأينا العجب.

فما الإجازة عند أكثر الناس إلا كمٌ كبيرٌ من الوقت الفارغ الذي لا يحسن استعماله ولا تصريفه فهي أوقات سائبة مع فوضى وحيرة في توجيهه, صحة وافرة لا تعرف الأجيال قيمتها، ثم هي لا تدري كيف تتعامل معها, أموال تحترق وطاقات معطلة من خير الدنيا أو الآخرة ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)).

إنما كان الفراغ نعمة لأن استغلاله في الطاعة والبر يرفع درجة العبد عند ربه ويحصل له بذلك سعادة الدنيا ونعيم الآخرة فإن الدنيا مزرعة الآخرة وفيها التجارة التي يظهر كسبها وربحها يوم يقوم الناس لرب العالمين، ولذلك وجّه الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والأمة بعده إلى استثمار الفراغ بالاجتهاد في الطاعة والنصب والتعب فيما يقرب إلى الله تعالى فقال جل وعلا: { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}(الشرح: 7-.

وسر هذا التوجيه أن العبد إنما خلق لعبادة الله تعالى وحده لا شريك له في كل وقت وحين فقال جل وعلا: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}(آل عمران: من الآية41) وقال سبحانه: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ}(الروم: 18) وقال تعالى: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }(الحجر: 99)
فإذا فرغ الإنسان مما لا بد له منه من أشغال الدنيا فليعد إلى غاية وجوده وهي عبادة الله تعالى.

إن الفراغ نعمة مهدرة مضيعة عند كثير من الناس بل هو سبب كثير من المفاسد والشرور الدينية والدنيوية .

والمسلم العاقل ينظر للإجازة الصيفية نظرة خاصة، فهي عنده تجارة رابحة ولهو مباح ووقت ممتع يقضيه مع أولاده وجولة إيمانية وتربوية هادفة...

فالإجازة نعمة امتنَّ الله بها على عباده، يقول الله عز وجل: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 77].

وهذه الإجازة لا ينبغي أن تكون عطلة من العمل ، فليس في حياة المسلم " عطلة " وإنما سعي دائم وعمل مستمر حتى الموت {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ} .

كما أن هذه الإجازة ليست فرصة للمعاصي والمنكرات ، فما دمنا نأكل من رزق الله ، ونمشي على أرضه ، ونستظل بسمائه ، ونستنشق هواءه ، فلا ينبغي لنا أن نعصيه طرفة عين ، لا في سفرنا ولا في إقامتنا .

إن المفهوم الصحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم ساعة وساعة (صحيح مسلم) هو ساعة لطاعة الله عز وجل, وساعة يلهو بلهو مباح كما هو ظاهر الحديث والذي يوافق روح الشريعة الغراء.

فالإسلام لا يقف للمصطافين حجر عثرة عن التنزه والترفيه إذا كان ذلك وفق الضوابط الشرعية التي تكفل له ولأسرته السلامة والعافية في الدارين..ألا يصاحب ذلك تفريط وإفراط، ودلك لأجل المحافظة عليك من أن تحيط بك السيئات من كل جانب فتهلك فتكون من الخاسرين .

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه (أجموا (أي روحوا) هذه القلوب فإنها تمل كما تمل الأبدان)

وقال ابي الدرداء رضي الله عنه: (إني لأجم فؤادي ببعض الباطل (أي اللهو الجائز) لأنشط للحق)

فأي دين أعظم من هذا؟ وأي شريعة أكمل من هذه الشريعة؟ التي راعت بين جوانب الحياة كلها وبينت احتياجات الإنسان، وأعطت كل ذي حق حقه..
وما أجمل أن تكون تلك النزهة ودلك الاستجمام في ذلك الهواء الطلق، والسماء الصافية، والألوان الزاهية التي تجعلك تنظر وتتأمل في نجوم السماء وأفلاكها والتي قد لا تراها في المدن فتكون ممن قال الله فيهم: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ، لا أن تكون ممن قال الله فيهم: {وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ}

لدلك يجب أن تحتوي حقيبة سفرنا على مجموعة من الرسائل المهمة كذلك:

الرسالة الأولى:
عمل الليل والنهار، جعل الله لكل من الليل والنهار وظيفته الخاصة قال تعالى (هو الذي جعل الليل لباساً والنوم سباتاً وجعل النهار نشورا) وقال تعالى (هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه وجعل النهار مبصراً)
فالله (جعل الليل سكنا ولباسا يغشى العالم فتسكن فيه الحركات وتأوي الحيوانات إلى بيوتها والطير إلى أوكارها وتستجم فيه النفوس وتستريح من كد السعي والتعب) .
ولكن ماذا يحصل في صيفنا الحاضر؟! سهر في الليل, ونوم في النهار تضيع بسببه كثير من الحقوق، حق الله: بترك الصلاة، وحق الأهل بالإهمال والتضييعوأمانة العمل والوظيفة.
كما أن للسهر أضراراً دينيه واجتماعيه وصحية وأمنية أجملها فيما يلي:
- في الليل ينتشر الظلام فينتشر الأشرار ،فيه تتكون اللقاءات المشبوهة والجلسات الموبوءة .
ففي استبانه وزعت على شريحة من الشباب الساهر أفاد 30% منهم أن السهر يساعد في التعرف على قرناء السوء، وأفاد 48% منهم أن السهر يساعد في اكتساب العادات السيئة كالدخان والشيشة والغناء والغزل ونحوها.
لقد كان القرآن الكريم يؤكد على خطورة هذا الوقت, بل يأمر بالتعوذ بالله مما فيه من الشر والأشرار (ومن شر غاسق إذا وقب)..
- وبسبب السهر فإن كثيراً ممن ينام قبل الفجر ينام عنها، ومن ينام بعدها يستعيض بدلاً منها بالنوم عن صلاتي الظهر والعصر، وأي جريمة أعظم من هذا وأي تضييع للدين كهذا.
ففي البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الرؤيا الطويل قال فأما الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة ) .
- كما أثبتت الدراسات أن السهر يؤثر على الجهاز العصبي لدى الإنسان حيث يعيق طرفيات الجهاز العصبي وخلايا الإحساس من أداء عملها بشكل فعال.
- ويتسبب في فقدان التركيز وضعف الذاكرة وبطء الاستجابة العصبية . وأثبتت الأبحاث أيضا أن السهر يحرم الإنسان من إفراز هرمون النمو بشكل طبيعي، ويفقده كثيراً من هرمون (الميلاتونين) وهو المسؤل عن إعطاء الجسم مزيداً من الحيوية والنشاط وإكسابه المزيد من المناعة ضد الإصابة بالأمراض المختلفة و بما فيها الأورام السرطانية
- . وجاء في تقريرٍ آخر: أن سهر الأطفال يؤدي إلى تأخر النمو، أو حتى توقفه، وأن المدمنين على السهر يصابون بالأمراض المختلفة والتوترات والقلق الدائم..

الرسالة الثانية: الأمانة والمسؤولية
إن على رب الأسرة مسؤولية عظيمة في حفظ البيت وحماية الأولاد، وشغل أوقاتهم بالمفيد، والبحث لهم عن مواقع آمنة ورفقاء صالحين .
- وإذا ذهبت بأولادك للنزهة فعليك أمانة اختيار المكان المناسب للسكنى بعيد عن الأماكن المشبوهة، أو التي تعمها الفوضى, مما قد يجعل العين تقع على مالم تعتد من المناظر مما يكون لها فيه فتنة فكم من إنسان اختار أقصى الأرض ليسعد أبناؤه فكان اجتهاده سبباً لهلاك أخلاقهم، وموت العفة في نفوس بناته، وبداية الشرارة التي تكاد أن تأكل الأخضر واليابس في أسرته، وأعلم أن مناظر العري والتفسخ والانحلال هي صور يختزنها الصغار وتعلق في نفوسهم مدى الحياة، وهي تأجج الفتنة في صدور الكبار مدى الحياة، وتجعلهم يبحثون فيما يطفئ تلك النار
. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لَيْسَ للإنسان أَنْ يَحْضُرَ الْأَمَاكِنَ الَّتِي يَشْهَدُ فِيهَا الْمُنْكَرَاتِ وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِنْكَارُ؛ إلَّا لَمُوجِبٍ شَرْعِيٍّ : مِثْلَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَمْرٌ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِمَصْلَحَةِ دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حُضُورِهِ أَوْ يَكُونُ مُكْرَهًا. فَأَمَّا حُضُورُهُ لِمُجَرَّدِ الْفُرْجَةِ وَإِحْضَارِ امْرَأَتِهِ تُشَاهِدُ ذَلِكَ فَهَذَا مِمَّا يَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِ وَمُرُوءَتِهِ إذَا أَصَرَّ عَلَيْهِ.
- صحبتك لأولادك وملازمتك لزوجتك في الأسواق و المتنزهات تاج فخرٍ لك وراية حشمة ترفعها بين الناس، وسلاح تشهره في وجه كل غادر
- واعلم أنك مسئول أمام الله عن هذه العورات التي أخرجتها من بيوت ساترة فلا تجعلها أمام الناس سافرة- ، روت كتب الأدب عن عمر بن ربيعة -شاعر المجون والغناء في شبابه- أنه كان مولعاً بتتبع النساء ومتابعة النظر إليهن فقدمت امرأة إلى مكة وكانت من أجمل النساء فبينما عمر يطوف إذ نظر إليها فوقعت في قلبه فدنا منها يكلمها فلم تلتفت إليه، فلما كان في الليلة الثانية طلبها حتى أصابها فزجرته وقالت: إليك عني يا هذا إنك في حرم الله وفي أيام عظيمة الحرمة ،فلما أتت الليلة التي بعدها قالت لأخيها أخرج معي فأرني المناسك فإني لست أعرفها، فأقبلت وهو معها فلما رآها عمر أراد أن يعرض لها فنظر إلى أخيها معها فعدل عنها فتمثلت المرأة بقول النابغة :


تعدوا الذئاب على من لا كلاب له *** وتتقي صولة المستأسد الضاري

* إن غياب الولي عن أهله يجعلهم عرضة لتحرش الذئاب ولو كان أهله في النقاء كماء السحاب ومن طاف في أرض المسبعة نهشته السباع

الرسالة الثالثة: ولا تسرفوا
هل أصبح من لازم الصيف الإسراف ؟! حتى أصبح لا يستقيم لنا عرس, ولا تكتمل لنا نزهة, ولا يطيب لنا لقاء إلا بالإسراف!!
لم يأت النهي عن الإسراف في الأمور المحرمة؛ لأنه لا يجوز فعلها أصلاً ، وإنما جاء النهي عن الإسراف في المباح قال رسول الله ( كل وأشرب وألبس من غير إسراف أو مخيلة )

الرسالة الرابعةإليكِ أيتها الأم ):
إليك يا نبع الحنان، وقصة العطاء، وحكاية الجُود.. إن كثيراً من شؤون الأسرة لا يدركها أحدٌ غيرك.
أنت وحدكِ من تعرف ماذا يريد ابنك وما تفكِّر فيه ابنتكِ ، فأنت تعرفين ذلك في قَسَمَات وجوههم ، وفلتات ألسنتهم ، فلا تتركين مجالاً للعادات السيئة والأخلاق الذميمة التي أتتنا من أعدائنا بأن تتسلل إليهم ، وحاولي علاجها في أولها قبل أن تستشري وتزداد ، فإن أعظم النار من مستصغر الشرر .
وعوِّدي أبناءكِ على معالي الأمور، وبناتكِ على الحشمة والحياء، فإن من شبَّ على شيءٍ شاب عليه، ومَن أدّبَ ولده صغيراً سعُد به كبيراً، فاحرصي على أن لا يخرج من بيتك هدا الصيف ولدا منحرف يرعب أبناء هده الأمة ولا بنتا سافرة تخدش حيائها

الرسالة الخامسة :ادا لم تحسن التخطيط لإجازتك فأنت ضمن مخططات غيرك.
وإليك أخي القارئ
بعض الأهداف التربوية لتعينك على وضع برنامج أسري لحسن استغلال الإجازة الصيفية :
1 - هدف بنائي:
يتم من خلاله غرس المبادئ والقيم الفاضلة، واكتساب المعلومات والآداب الصالحة التي تخدمه في دنياه وآخرته منها:
• رفع مستوى العلم الشرعي لدى الأبناء.
• حفظ ومراجعة القرآن أو جزء معين منه.
• حفظ بعض الأحاديث النبوية.
• حفظ وتطبيق بعض الأذكار والأدعية.
• ارتباط الأبناء بالوالدين ارتباطاً إيجابياً بعيداً عن حواجز التعامل الرسمي.
• تقوية أواصر الرحم .
2 - هدف وقائي:
يتم من خلاله حماية الأولاد من رفقاء السوء والضياع في الشوارع وأماكن الرذيلة، أو تضييع الأوقات أمام القنوات أو الإنترنت، أو الوقوع تحت تأثير البرامج المنحرفة ويهدف إلى:
• تكوين بيئة صالحة لكي نتمكن من التربية النافعة. تبعد الأولاد عن أصحاب السوء.
• تثبيت السلوك الصحيح لدى أفراد الأسرة وتعديل السلوك السيء لديهم.
• معالجة مشكلات الأولاد داخل وخارج البيت بالتعرف عليها وطرح الحلول المناسبة والتعاون معهم في حلها مع الاهتمام بخصوصيتها.
3 - هدف علاجي:
يتم من خلاله علاج بعض جوانب التقصير التي تطرأ على سلوك المتربي مثل: ضعف الشخصية أو الوقوع في المخالفات الشرعية ودلك
• بناء الشخصية المتوازنة للأولاد.
• نفع الأولاد في أمور التحصيل المعرفي.
• استكشاف طاقات الأولاد وتطويرها وتوجيه الانفعالات السلوكية لديهم.
• تدريب الأولاد على تحمل المسئولية والمشاركة الاجتماعية سواء داخل الأسرة أو خارجها.
ويمكن أن تستفيد الأسرة من هذا الدليل حتى في أيام الدراسة العادية حيث يمكن لرب الأسرة أن ينتقي منها ما يتناسب مع وقت أولاده وحاجتهم وإمكانياته المادية
- نسأل الله العظيم رب العرش العظيم بمنه وكرمه وهو أرحم الراحمين أن يجعل ما وهب لنا من زيادة العمر زيادة لنا في كل خير وأن يعصمنا فيها من كل بلاء وفتنة وشر.


يراني الله فهل أخشآآه؟!!

إذا ما خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى العصيان
فإستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني "


إذا أردت أن تعرف مدى إيمانك ..
فراقب نفسك في الخلوات..
راقب نفسك في الخلوات ..
راقب نفسك في الخلوات..
إنَّ الإيمان لا يظهر ؛ في صلاة ركعتين ، أو صيام نهار ..
بل يظهر ؛؛ في مجاهدة النفس و الهوى

من أعجب الأشياء أن تعرف الله ثم تعصاه، وتعرف شدة عقابه ثم لا تطلب السلامة منه، وتذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تهرب منها ولا تطلب الأنس بطاعته.

قد يبتعد الإنسان عن المعاصي والذنوب إذا كان يحضره الناس، وعلى مشهد منهم، لكنه إذا خلا بنفسه، وغاب عن أعين الناس، أطلق لنفسه العنان، فاقترف السيئات، وارتكب المنكرات.[


قال تعالى: {وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًَا بَصِيرًا} وقال تعالى: {وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون }




استحضار أن الله شاهد رقيب على قلوب عباده وأعمالهم، وأنه مع عباده حيث كانوا فإن من عَلِم أن الله يراه حيث كان، وأنه مطلع على باطنه وظاهره وسره وعلانيته، واستحضر ذلك في خلواته، أوجب له ذلك ترك المعاصي في السر قال تعالى: {وقدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} (16) سورة ق.




إن إيمان العبد بأن الله يراه ويطلع على سره وعلانيته وباطنه وظاهره وأنه لا يخفى عليه شيء من أمره ؛
من أعظم أسباب ترك المعاصي الظاهرة والباطنة؛
وإنما يسرف الإنسان على نفسه بالمعاصي والذنوب إذا غفل عن هذا الأمر ..
ولذلك قال الله تعالى في بيان اغترار أهل النار في الذنوب والمعاصي: {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ}

في قلبه أنه لا تخفى على الله خافية، راقب ربه وحاسب نفسه وتزود لمعاده، واستوى عنده السر والإعلان..
ولذلك كان من وصاياه صلى الله عليه وسلم: (اتق الله حيثما كنت) أي في السر والعلانية حيث يراك الناس وحيث لا يرونك ، فخشية الله تعالى في الغيب والشهادة من أعظم ما ينجي العبد في الدنيا والآخرة ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (أسألك خشيتك في الغيب والشهادة) .. ! !


كان الإمام أحمد كثيراً ما ينشد قول الشاعر:

إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل
خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة
ولا أن ما يخفى عليه يغيب